تركيا وروسيا وإستعادة إمجاد الماضي -2-




 تركيا وروسيا وإستعادة إمجاد الماضي  -2

جزيرة القرم

بالتأكيد، لم تمنع مطلقا السيادة الروسية على تلك المناطق تركيا من الشعور بالارتباط بشبه جزيرة القرم في تلك الأعوام، أصبحت المنطقة بمثابة باريس للمثقفين المسلمين. فقد أنتجت الآباء المؤسسين للقومية 
التركية الحديثة،. ولكن كان إقليم القرم بالنسبة لتركيا يحمل أكثر من الأهمية الثقافية 

بالنسبة لجهاز الاستخبارات العثماني، الذي اعتقد أنه إذا انفصلت أوكرانيا عن روسيا فإن روسيا سوف تنهار.  وأن ذلك من الممكن أن يُمهد الطريق أمام العثمانيين للعودة مرة أخرى للبحر الأسود

 ووفقا لعملاء استخباراتيين، فإن أفضل استراتيجية يمكن أن يتبعها العثمانيون هي إثارة سخط التتار المسلمين في القرم


ربما ليست مفاجأة أنه في عام 1914، دخل العثمانيون في الحرب العالمية الأولى من خلال تفجير الميناء البحري الروسي بسيفاستوبول بشبه جزيرة القرم، والذي أصبح رمزا للتوسع الروسي. ونجحت المهمة، وأصيبت العمليات الروسية بالبحر الأسود بالشلل التام خلال الحرب العالمية. ولكن، مرة أخرى، كانت هناك قوة خارجية مكنت العثمانيين حقا من الفوز بالمعركة. أدى عدم امتلاك العثمانيين لتكنولوجيا عسكرية بحرية خاصة بها إلى استخدامهم سفينتين حربيتين مهربتين من ألمانيا 

. استطاعت روسيا تحقيق انتصارات ضد العثمانيين أكثر مما توقع كثير من الأتراك في البداية. ولكن الثورة البلشفية، التي قامت في عام 1917، والتي دفعت القيصر إلى استدعاء جيشه للعودة إلى الوطن 
من شرق الأناضول، أنقذت الإمبراطورية العثمانية على نحو غير متوقع من هجوم روسي مؤكد

تميزت فترة ما بعد الحرب بدفء نادر في العلاقات التركية الروسية. فقد تخلى الاتحاد السوفياتي الجديد عن استراتيجية القيصر السابقة في التوسع، نتيجة لعدم قدرته على فرض سيطرته على البحر الأسود نظرا للضعف الذي حل في مرحلة ما بعد الثورة، وفضل التعاون بدلا من ذلك.

 في الوقت ذاته، كانت الإمبراطورية العثمانية تمر بتغييرات خاصة بها، وعلى وجه التحديد تأسيس الجمهورية التركية تحت قيادة مصطفى كمال أتاتورك. وبالفعل، يذكر البعض أن ذلك العصر في ظل حكم لينين وأتاتورك كان الفترة الوحيدة في التاريخ التي شهدت تعاونا حقيقيا بين روسيا وتركيا


حكم أتاتورك


ولكن، سريعًا ما تلاشى أي ود بين القوتين، عندما خرجت روسيا، التي رأسها في تلك الفترة جوزيف ستالين، من الحرب العالمية الثانية باعتبارها قوة مهيمنة على حوض أوراسيا الأعظم

وطالب بوضع خاص للسفن السوفياتية التي تمر عبر مضيق البوسفور. وفي عدة مرات، خرق ستالين معاهدة مونترو التي وقعت عام 1936، لتنظيم الملاحة في المضايق (التركية)

 ذلك العالم الذي لا يُمكن فيه إخضاع روسيا الجديدة لأهواء الحكومة التركية

 وفي السجلات البريطانية لمؤتمر يالطا الذي عقد في نهاية الحرب العالمية الثانية، ذكر أن ستالين سأل وينستون تشرشل، ثم رئيس الوزراء البريطاني قائلا: «ما الذي سوف تفعله بريطانيا إذا منحت  أو مصر ذلك الحق بغلق قناة السويس، أو ما الذي سوف تفعله الولايات المتحدة الأميركية إذا كان لأي دولة أميركية جنوبية الحق في غلق قناة بنما؟»

 في عام 1956
 ردت حكومة رئيس الوزراء أنتوني إيدن على ذلك السؤال، عندما حاولت بريطانيا بالاشتراك مع فرنسا وإسرائيل إعادة التأكيد على سيطرتها على قناة السويس من خلال القوة العسكرية بعد أن قام الرئيس 
المصري جمال عبد الناصر بما ذكره ستالين بالفعل وأغلق قناة السويس

وخلال هذه الفترة، كان يتعين على تركيا أن تُغير مسارها، بعد أن أكدت على عدم انحيازها التعاوني
 تحت حكم أتاتورك. فلم تستطع أن تُقاوم الضغوط التي تفرضها روسيا التي عادت للظهور من جديد. ولذلك، فقد انضمت تركيا لحلف الناتو في عام 1952.

دخل العثمانيون عام 1914 في الحرب العالمية الأولى من خلال تفجير الميناء البحري الروسي بسيفاستوبول بشبه جزيرة القرم

وعندما انهار الاتحاد السوفياتي، أصبحت منطقة البحر الأسود منطقة عالمية على نحو أكبر. وعملت الدول من خلال منظمات متعددة الأطراف مثل منظمة التعاون الاقتصادي للبحر الأسود وأنشأت نظام تضامن إقليمي لنزع فتيل الأزمات المحتملة فيما بعد الحرب الباردة. وأكدت تركيا على دورها في الحفاظ على الاستقرار في منطقة البحر الأسود، بينما أكدت روسيا على قدرتها على تقديم الغاز الطبيعي للجميع. وفي ظل الهدوء النسبي الذي اتسمت به المنطقة، لم تول الأوساط الأكاديمية التركية والشعب التركي الكثير من الاهتمام بها خلال العشرين عاما الماضية، في حين اتجهت الأنظار نحو دور تركيا في الشرق الأوسط أو عضويتها في الاتحاد الأوروبي. ربما لم يكن عليهم أن يفقدوا ذلك التركيز




















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موانئ مفتوحة لجميع المهاجرين ‎‎

                                   لكسب الدعم اليسار الإيطالي  في كاتانيا ومطالبة بموانئ مفتوحة لجميع المهاجرين          كتب المحرر السياسي ...